لمحة عن مارتن لوثر
نبذة تاريخية
النشأة
لا شك ان اصلاح القرن السادس عشر الذي بدأ في عام 1517 م عندما علق الراهب والدكتور الالماني مارتن لوثر قضاياه او حججه الخمسة والتسعين علي ابواب كاتدرائية وتنبرج ، لم يكن فقط اصلاحا دينيا بل يعتبر حدثا فاصلا في تاريخ الحضارة الغربية بصفة خاصة و الانسانية بصفة عامة ومارتن لوثر هو راهب الماني ولد عام 1483 م لأسرة المانية متواضعة ، وقد درس الأداب ونال منها درجة البكالوريوس من جامعة ارفورت اشهر جامعات المانيا في ذلك الوقت, ثم درجة الماجيستير في الفلسفة عام 1505 , وعلي الرغم من تفوقه الشديد في الدراسة والخطابة وشهرته الاكاديمية الا ان رغبته في خلاص نفسه ووعد الله ان يدخل الدير و يكرس حياته له علي اثر انقاذه له من الموت قد دفعه عام 1505 الي دخول الدير و الانخراط في سلك الرهبنة.
وفي الدير تدرب لوثر علي حياة الرهبنة الشاقة حتى هزل جسده و ضعفت صحته . وفي عام 1507 م رسم لوثر كاهنا و انضم الي سلك الكهنوت ، وقرب ذلك الوقت تعرف لوثرعلي يوحنا ستوبتز وهو رئيس طائفة الرهبان الأوغسطنين في المانيا وقد ساهمت هذه المعرفة في امرآن هما:-
الاول :- هو توجيه من التركيز علي الاعمال و الجهاد لخلاص النفس الي الاتكال علي الايمان و نعمه الله في المسيح.
ثانيا:- هو تعيين لوثر عام 1507 لتدريس الفلسفة في جامعة و تنبرج وسرعان ما مُنح لوثر درجة البكالوريوس في الدراسات الكتابية التى اهلته لتدريس الكتاب المقدس في نفس الجامعة.
وفي عام 1512 مُنح لوثر بعد دراسة طويلة درجة الدكتوراه في اللاهوت وكانت شهرة هذا الراهب الأستاذ تزداد يوما بعد يوم وكانت تجذب انتباه الطلبة الذين كانوا يحتشدون ليسمعوا محاضراته في اللاهوت الكتابي في المزامير و غلاطية ورومية.
التجديد:-
يقدر المؤرخون وقت تجديد لوثرما بين 1513 الي 1515 م وقد تداخل في اختبار تجديده عدة عوامل سابقة مثل توجيهات ستوبيتز ودراسته للكتاب المقدس لكن المقطع الي اثر فيه تأثيرا جذريا هو رومية 1: 17 ” البار بالايمان يحيا” الذي استخدمه الروح القدس لتجديد قلب لوثر و انارته بحق الانجيل و ادراك ان بر الله هو الذي يبرر لاانسان وليس اعمال بره الذاتية.
الاحتجاج:-
كما ذكرنا فأن بداية الاصلاح ترجع الي عام 1517 عندما علق مارتن لوثر احتجاجاته ال 95 علي باب كاتدرائية وتنبرج وكان ذلك علي اثر بيع صكوك الغفران البابوية و اقتراب حملتها من مدينة وتنبرج و التى استفزت لوثر ليعلق احتجاجاته ال 95 والتى بدورها اطلقت شرار حركة الاصلاح في كل اوروبا.
لوثر والكتاب المقدس :-
في عام 1522م نشر لوثر ترجمته للعهد الجديد باللغة الالمانية المعاصرة وقد اعتمد في ترجمته هذه علي النسخة اللاتينية ( الفولجاتا) و ترجمة ارازموس اليونانية و بعض الترجمات الالمانية القديمة , و يصف المؤرخين انتشار هذه الترجمة بين جميع طبقات الشعب الالماني وصفا يذكرنا بترجمة كنج جيمس في انجلترا، فإن جميع طبقات الشعب الالماني كانت تقرأ هذه الترجمة بل بعضهم كان يحفظها ( الفلاحين و الصناع ، ربات البيوت والشرفاء ..الخ)
وقد اخذ النقاد علي لوثر نقده لرسالة يعقوب التى وصفها بأنها كالقش كذلك تحفظه علي رسالة العبرانين و سفر الرؤيا الا انه ترجمها ووضعها في ترجمته الالمانية الشهيرة, كما يؤخذ على لوثر أيضا بعض الأخطاء فى ترجمة بعض المقاطع من العهد الجديد أشهرها رومية 3: 28.
احب لوثر العهد القديم وقد ترجم العهد القديم الي اللغة الالمانية في عام 1534م و ترجمها معدله في عام 1539 م و نشرت ترجمتان اخيرتان في عامي 1545م و 1547 م.
وقد فصل لوثر في ترجمته بين الاسفار القانونية ال 39 و الاسفار الابوكريفية مثل يهوديت و طوبيا وعهد الي مساعديه (مثل ملانكثن) ترجمتها ولم يعتبرها ذات سلطة قانونية . وقد كان للوثر تحفظات علي بعض اسفار العهد القديم القانونية و بخاصة استير الذي قال عنه ” اتمنى لو لم يوجد في الكتاب المقدس ” ويقول الباحثون ان ذلك يرجع لتأثير سفر استير اليهودى النزعة و كان للوثر موقف معادى لليهود في المانيا.
وعلي الرغم من ذلك فإن لوثر اعتبر الكتاب المقدس هو الكتاب الاسمي عن كل الكتب الاخرى سواء الدينية او الفلسفية وانه ملئ بالتعاليم السامية وانه سيبقى للابد كافي وكامل وان الاسفار المقدسة مليئة بالعطايا الالهية والمبادئ الاخلاقية بينما كتب الأمم لا تقدم شىء عن الايمان والمحبة بل فقط الفلسفة والمنطق .
ومن اقواله ” انظر كيف تتعامل كتب مثل المزامير وأيوب مع الايمان و الأمل والصلاة”
و فى النهاية كان لوثر مصلحا عظيما الا انه كان انسان له اخطائه وقد تراجع عن بعض أرائه هذه المتعلقة بأسفار العهد الجديد, كما قبلها اتباعه من بعده, و لا ننسى أنه في اصلاحه اعتمد اعتمادا جذريا علي الكتاب المقدس و الرجوع اليه دون تقاليد العصور الوسطى البالية.
وقد كان لحركته اثرا كبيرا من تخلص الكنيسة بمختلف طوائفها من الكثير من الخرافات و التعاليم المناقضة لحق الانجيل كما فتح المجال للعقل البشرى للاصلاح و الرجوع الي جذور الاشياء ومراجعة النفس حتى ان الكثير من المفكرين المسيحيين و غير المسيحين يعتبر اصلاح لوثر نقطة تحول جذرية في تاريخ الحضارة الانسانية.
قائمة المراجع
لوريمر جون .ترجمه عزرا مرجان، تاريخ الكنيسة ،ج4 القاهرة: دار الثقافة . 1995.
ميلر اندرو ، مختصر تاريخ الكنيسة ج2. القاهرة: مكتبة الاخوة ، 1972.
حبيب جورج .لوثر والاباء . العشاء الرباني. www.coptology.org
Schaff Philip. History of the Christian Church, Volume 7.
Wikipedia. Luther Bible. Article. http://enwikipedia.org.
Luther’s Works Index & Search. Of God’s Word. www.godrules.net/library/luther/NEWlutherc1.htm.